كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: أَوَّلَ طَوَافِهِ وَفِي كُلِّ طَوْفَةٍ) سَكَتَ عَنْ آخِرِ الْأَخِيرَةِ فَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الْآتِي مِنْ قَوْلِهِ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ إلَخْ، وَهُوَ قَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَطْلُبُ فِي آخِرِ الْأَخِيرَةِ التَّقْبِيلَ وَنَحْوَهُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا بَلْ شَاذٌّ) وَإِذَا قُلْنَا بِضَعْفِهِ وَشُذُوذِهِ فَهَلْ يُسَنُّ فِيهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ أَيْضًا وَيُؤَيِّدُهُ عَدَمُ وُرُودِهِ فِيهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَالْقِيَاسُ بَعِيدٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: سِرًّا إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يَخْشَ الْغَلَطَ عِنْدَ الْإِسْرَارِ ع ش.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَجْمَعُ لِلْخُشُوعِ) وَفِي الْفَتْحِ وَيُكْرَهُ جَهْرًا آذَى بِهِ غَيْرَهُ وَكَثِيرٌ مِنْ الْجَهَلَةِ وَالطَّلَبَةِ الْمُرَائِينَ يُؤْذُونَ الطَّائِفِينَ بِجَهْرِهِمْ بِهِمَا أَيْ الذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَوْ دَعَا وَاحِدٌ وَأَمَّنَ جَمَاعَةٌ فَحَسَنٌ وَنَّائِيٌّ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهِ عَنْ الْإِيضَاحِ قَالَ عَبْدُ الرَّءُوفِ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ الْجَهْرُ بِالدُّعَاءِ وَلَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ لِمَصْلَحَةِ الْكُلِّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا يَتَأَذَّى بِهِ أَحَدٌ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ بَافَضْلٍ الْعُبَابُ وَيُسَنُّ الْإِسْرَارُ بِهِمَا بَلْ قَدْ يَحْرُمُ الْجَهْرُ بِأَنْ تَأَذَّى بِهِ غَيْرُهُ أَذًى لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَفِي كُلِّ طَوْفَةٍ) أَيْ فِي أَوَّلِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَوَفَاءً) أَيْ تَمَامًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: أَيْ الَّذِي أُلْزِمْنَا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي، وَهُوَ الْمِيثَاقُ الَّذِي أَخَذَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا بِامْتِثَالِ أَمْرِهِ وَاجْتِنَابِ نَهْيِهِ وَأَفَادَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ اسْتَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ ذُرِّيَّتَهُ وَقَالَ: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} فَأَمَرَ أَنْ يُكْتَبَ بِذَلِكَ عَهْدٌ وَيُدْرَجَ فِي الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَمَرَهُ بِكَتْبِ إلَخْ) أَيْ بِمَا تَضَمَّنَهُ ذَلِكَ الْكِتَابُ الْمَأْمُورُ بِهِ مِنْ الْمِيثَاقِ.
(قَوْلُهُ: رُوِيَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ) أَيْ أَنَّهُ حَدِيثٌ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: هَكَذَا) أَيْ مَا جَاءَ فِي هَذَا الْخَبَرِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الرَّوْنَقِ يُسَنُّ إلَخْ) أَقَرَّهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ ضَعِيفٌ إلَخْ) قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ بَلْ بِدْعَةٌ وَنَّائِيٌّ عِبَارَةُ سم وَإِذَا قُلْنَا بِضَعْفِهِ وَشُذُوذِهِ فَهَلْ يُسَنُّ فِيهِ نَظَرٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ أَيْضًا وَيُؤَيِّدُهُ عَدَمُ وُرُودِهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَالْقِيَاسُ بَعِيدٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.
(وَلْيَقُلْ قُبَالَةَ الْبَابِ) أَيْ جِهَتَهُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَهُوَ وَاضِحٌ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يَقُولُهُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ، وَهُوَ مَاشٍ إذْ الْغَالِبُ أَنَّ الْوُقُوفَ فِي الْمَطَافِ مُضِرٌّ وَعَلَيْهِ فَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُمَا يَسْتَغْرِقَانِ أَكْثَرَ مِنْ قُبَالَتَيْ الْحَجَرِ وَالْبَابِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُمَا وَمَا بِإِزَائِهِمَا وَكَذَا فِي كُلِّ مَا يَأْتِي (اللَّهُمَّ الْبَيْتُ بَيْتُك) أَيْ الْكَامِلُ الْوَاصِلُ لِغَايَةِ الْكَمَالِ اللَّائِقِ بِهِ مِنْ بَيْنِ الْبُيُوتِ هُوَ بَيْتُك هَذَا لَا غَيْرُ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ.
(وَالْحَرَمُ حَرَمُك وَالْأَمْنُ أَمْنُك وَهَذَا) أَيْ مَقَامُ إبْرَاهِيمَ كَمَا قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ وَقَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ إنَّهُ غَلَطٌ فَاحِشٌ بَلْ يَعْنِي نَفْسَهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَنْسَبُ وَأَلْيَقُ إذْ مَنْ اسْتَحْضَرَ أَنَّ الْخَلِيلَ اسْتَعَاذَ مِنْ النَّارِ أَيْ بِنَحْوِ: {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يَبْعَثُونَ} أَوْجَبَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ الْخَوْفِ وَالْخُشُوعِ وَالتَّضَرُّعِ مَا لَا يُوجِبُ لَهُ الثَّانِي بَعْضَ مِعْشَارِهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُرِدْ الْأَوَّلَ لَكَانَ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ بِخُصُوصِهِ عَارِيًّا عَنْ الْحِكْمَةِ (مَقَامُ الْعَائِذِ بِك مِنْ النَّارِ) قِيلَ لَا يُعْرَفُ هَذَا أَثَرًا وَلَا خَبَرًا (وَبَيْنَ الْيَمَانِيَّيْنِ اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) فِيهِمَا أَقْوَالٌ كُلٌّ مِنْهَا عَيَّنَ أَهَمَّ أَنْوَاعِ الْحَسَنَةِ عِنْدَهُ، وَهُوَ كَالتَّحَكُّمِ فَالْوَجْهُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْأُولَى كُلُّ خَيْرٍ دُنْيَوِيٍّ يَجُرُّ لِخَيْرٍ أُخْرَوِيٍّ وَبِالثَّانِيَةِ كُلُّ مُسْتَلَذٍّ أُخْرَوِيٍّ يَتَعَلَّقُ بِالْبَدَنِ وَالرُّوحِ.
(وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) سَنَدُهُ صَحِيحٌ لَكِنْ بِلَفْظِ «رَبَّنَا» وَبِهِ عُبِّرَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِي رِوَايَةٍ: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا»، وَهِيَ أَفْضَلُ وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ بِهَا الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قِيلَ وَلَفْظُ «اللَّهُمَّ» وَحْدَهُ كَمَا وَقَعَ فِي الْمَتْنِ أَيْ وَالرَّوْضَةِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ عِبَارَتَهَا كَعِبَارَةِ الشَّافِعِيِّ لَمْ تَرِدْ.
الشَّرْحُ:
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلْيُقَلْ) أَيْ نَدْبًا (قُبَالَةَ الْبَابِ) بِضَمِّ الْقَافِ أَيْ فِي الْجِهَةِ الَّتِي تُقَابِلُهُ اللَّهُمَّ الْبَيْتُ إلَخْ وَعِنْدَ الِانْتِهَاءِ إلَى الرُّكْنِ الْعِرَاقِيِّ أَيْ تَقْرِيبًا اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الشَّكِّ وَالشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ وَالشِّقَاقِ وَسُوءِ الْأَخْلَاقِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ وَعِنْدَ الِانْتِهَاءِ إلَى تَحْتِ الْمِيزَابِ أَيْ تَقْرِيبًا اللَّهُمَّ أَظِلَّنِي فِي ظِلِّك يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّك وَاسْقِنِي بِكَأْسِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرَابًا هَنِيئًا لَا أَظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَدًا يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَبَيْنَ الرُّكْنِ الشَّامِيِّ وَالْيَمَانِيِّ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا وَتِجَارَةً لَنْ تَبُورَ يَا عَزِيزُ يَا غَفُورُ أَيْ وَاجْعَلْ ذَنْبِي ذَنْبًا مَغْفُورًا وَقِسْ بِهِ الْبَاقِيَ وَالْمُنَاسِبُ لِلْمُعْتَمِرِ أَنْ يَقُولَ عُمْرَةً مَبْرُورَةً وَيُحْتَمَلُ اسْتِحْبَابُ التَّعْبِيرِ بِالْحَجِّ مُرَاعَاةً لِلْخَبَرِ وَيُقْصَدُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ، وَهُوَ الْقَصْدُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ فِي الدُّعَاءِ الْآتِي فِي الرَّمْلِ وَيَحِلُّ الدُّعَاءُ بِهَذَا إذَا كَانَ فِي ضِمْنِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَإِلَّا فَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَاشٍ) أَيْ يَقُولُهُ حَالَةَ الْمَشْيِ وَضَمِيرُ كَوْنِهِمَا يَرْجِعُ إلَى الدُّعَاءَيْنِ وَضَمِيرُهُمَا يَرْجِعُ إلَى الْقُبَالَتَيْنِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَيْ مَقَامُ إبْرَاهِيمَ) فَيُشِيرُ إلَيْهِ بِالْقَلْبِ ع ش وَوَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ) وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَشَيْخُنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: إنَّهُ غَلَطٌ) أَيْ كَوْنُ الْمُشَارِ إلَيْهِ مَقَامُ إبْرَاهِيمَ.
(قَوْلُهُ: عُرْيًا إلَخْ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَثَرًا وَلَا خَبَرًا) الْأَثَرُ قَوْلُ التَّابِعِيِّ وَالْخَبَرُ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ كُرْدِيٌّ وَالْأَوْلَى تَفْسِيرُ الْأَوَّلِ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ وَالتَّابِعِيِّ وَالثَّانِي بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(قَوْلُهُ: فِيهِمَا أَقْوَالٌ إلَخْ) قِيلَ فِي الْأُولَى هِيَ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ وَقِيلَ الْعِلْمُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَقِيلَ فِي الثَّانِيَةِ هِيَ الْجَنَّةُ وَقِيلَ الْعَفْوُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ كَالتَّحَكُّمِ) مُسَلَّمٌ إنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَنِدًا إلَى دَلِيلٍ، وَهُوَ بَعِيدٌ سِيَّمَا وَالْمَنْقُولُ عَنْهُمْ ذَلِكَ مِنْهُمْ صَحَابَةٌ وَمِنْهُمْ تَابِعُونَ أَجِلَّاءُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّخْصِيصَ لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَى اللَّفْظِ، فَإِنْ كَانَ لِدَلِيلٍ فَلَا تَحَكُّمَ أَوْ لِغَيْرِهِ فَهُوَ مُسْتَحِيلٌ مِمَّنْ ذُكِرَ بَصْرِيٌّ وَلَك أَنْ تَخْتَارَ الشِّقَّ الثَّانِيَ وَتُرِيدُ بِالدَّلِيلِ مَا لَيْسَ لَهُ نَوْعُ قُوَّةٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ كَالتَّحَكُّمِ بِالْكَافِّ.
(قَوْلُهُ كُلُّ خَيْرٍ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ مَوْضُوعُ النَّكِرَةِ الْفَرْدُ الْمُنْتَشِرُ وَلَا يُرَادُ مِنْهَا الْعُمُومُ إلَّا فِي مَوَاطِنَ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا بَصْرِيٌّ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْعُمُومَ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْمَقَامِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ} وَقَوْلُهُمْ تَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ.
(قَوْلُهُ: دُنْيَوِيٍّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ كُلُّ خَيْرٍ دِينِيٍّ أَوْ مَا يَجُرُّ لَهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالرُّوحُ) لَعَلَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ.
(قَوْلُهُ: سَنَدُهُ صَحِيحٌ) قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَهَذَا أَحَبُّ مَا يُقَالُ فِي الطَّوَافِ إلَيَّ وَأَحَبُّ أَنْ يُقَالَ فِي كُلِّهِ أَيْ الطَّوَافِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: بِلَفْظِ رَبَّنَا) أَيْ بَدَلَ اللَّهُمَّ ع ش.
(قَوْلُهُ: لِمَنْ زَعَمَ إلَخْ)، وَهُوَ الْمَحَلِّيُّ ع ش.
(قَوْلُهُ: كَعِبَارَةِ الشَّافِعِيِّ) أَيْ اللَّهُمَّ رَبَّنَا.
(قَوْلُهُ: لَمْ يُرِدْ) خَبَرٌ وَلَفْظُ اللَّهُمَّ.
(وَلْيَدْعُ) نَدْبًا (بِمَا شَاءَ) مِنْ كُلِّ دُعَاءٍ جَائِزٍ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، وَالْأَفْضَلُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالْآخِرَةِ (وَمَأْثُورُ الدُّعَاءِ) الشَّامِلُ لِلذِّكْرِ؛ لِأَنَّ كُلًّا قَدْ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ مَا يَعُمُّ الْآخَرَ فِي الطَّوَافِ بِأَنْوَاعِهِ السَّابِقَةِ، وَهُوَ مَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَبَقِيَ مِنْهُ غَيْرُ مَا ذُكِرَ أَشْيَاءُ ذَكَرْت أَكْثَرَهَا مَعَ بَيَانِ سَنَدِهَا فِي الْحَاشِيَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ مِنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا «رَبَّنَا آتِنَا» إلَى آخِرِهِ «وَاَللَّهُمَّ قَنِّعْنِي بِمَا رَزَقْتنِي وَبَارِكْ لِي فِيهِ وَاخْلُفْ عَلَيَّ كُلَّ غَائِبَةٍ لِي مِنْك بِخَيْرٍ»، فَإِنْ قُلْت رَوَى ابْنُ مَاجَهْ خَبَرًا فِيهِ فَضْلٌ عَظِيمٌ لِمَنْ طَافَ أُسْبُوعًا وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ إلَّا بِسُبْحَانَ اللَّهَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ فَلِمَ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْأَصْحَابُ لِنَدْبِ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ فِي الطَّوَافِ قُلْت قَدْ صَرَّحُوا بِهِ فِي قَوْلِهِمْ: وَمَأْثُورُ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ وَأَشَارُوا إلَيْهِ أَيْضًا بِذِكْرِ حَدِيثِهِ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ.
فَإِنْ قُلْت يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِشَيْءٍ مِنْ الْأَذْكَارِ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ فِيهِ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِي طَوَافِهِ بِغَيْرِ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ وَهَذَا مُنَافٍ لِنَدْبِهِمْ جَمِيعَ مَا مَرَّ فِي مَحَالِّهِ قُلْت لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَعَ تَحْصِيلِهِ بِتِلْكَ الْكَلِمَاتِ الَّتِي لَمْ يَأْتِ فِيهِ بِغَيْرِهَا مَفْضُولٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِتْيَانِ بِالْأَذْكَارِ فِي مَحَالِّهَا وَأَفْضَلُ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَلَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ (أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَاءَةِ) أَيْ الِاشْتِغَالُ بِهِ أَفْضَلُ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِهَا وَلَوْ لِنَحْوِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ خِلَافًا لِمَنْ فَصَّلَ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهَا لَمْ تُحْفَظْ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ، وَحُفِظَ عَنْهُ غَيْرُهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهَا بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ بَلْ مَنَعَهَا فِيهِ بَعْضُهُمْ فَمِنْ ثَمَّ اُكْتُفِيَ فِي تَفْضِيلِ الِاشْتِغَالِ بِغَيْرِهَا عَلَيْهَا بِالنِّسْبَةِ لِهَذَا الْمَحَلِّ بِخُصُوصِهِ بِأَدْنَى مُرَجِّحٍ لِوُرُودِهِ عَنْ صَحَابِيٍّ وَلَوْ مِنْ طَرِيقٍ ضَعِيفٍ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ (وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِ مَأْثُورٍ)؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ الذِّكْرِ وَجَاءَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ «مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْته أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ وَفَضْلُ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى سَائِرِ خَلْقِهِ».
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُ مِنْ الْقِرَاءَةِ) هَلْ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَمَأْثُورُ الدُّعَاءِ إلَخْ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَلْيَدْعُ بِمَا شَاءَ) أَيْ فِي جَمِيعِ طَوَافِهِ فَهُوَ سُنَّةٌ مَأْثُورًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ كَمَا قَالَ (وَمَأْثُورُ الدُّعَاءِ) بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ الْمَنْقُولُ مِنْ الدُّعَاءِ فِي الطَّوَافِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ دُعَاءٍ جَائِزٍ إلَخْ) مُقْتَضَى كَلَامِهِ هُنَا أَنَّ الدُّعَاءَ بِدُنْيَوِيٍّ مَنْدُوبٌ وَأَنَّ الْأَفْضَلَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأُخْرَوِيِّ وَفِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ الدُّنْيَوِيَّ جَائِزٌ لَا مَنْدُوبَ فَلْيُحَرَّرْ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لَهُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِلِيَدْعُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلًّا) أَيْ مِنْ لَفْظَيْ الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ.
(قَوْلُهُ: فِي الطَّوَافِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمَأْثُورِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا وَرَدَ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ ضَعِيفًا وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَبَقِيَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَأْثُورِ.
(قَوْلُهُ: «وَاَللَّهُمَّ قَنِّعْنِي» إلَخْ) يَقُولُهُ بَيْنَ الْيَمَانِيِّينَ أَيْضًا شَرْحُ بَافَضْلٍ وَوَنَّائِيٍّ.
(قَوْلُهُ: «وَاخْلُفْ عَلَى كُلِّ غَائِبَةٍ» إلَخْ) أَيْ كُنْ خَلَفًا عَلَى كُلِّ نَفْسٍ غَائِبَةٍ لِي مُلَابِسًا بِخَيْرٍ أَوْ اجْعَلْ خَلَفًا عَلَى كُلِّ غَائِبَةٍ لِي خَيْرًا وَتَشْدِيدُ عَلَيَّ، تَصْحِيفُهُ وَنَّائِيٌّ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ الْمَشْهُورُ تَشْدِيدُ الْيَاءِ مِنْ عَلَى لَكِنْ قَالَ الْمُلَّا عَلِيٌّ الْقَارِيّ الْحَنَفِيِّ فِي شَرْحِ الْحِصْنِ الْحَصِينِ وَاخْلُفْ بِهَمْزَةِ وَصْلٍ وَضَمِّ لَامِهِ أَيْ كُنْ خَلَفًا عَلَى كُلِّ غَائِبَةٍ أَيْ نَفْسٍ غَائِبَةٍ لِي بِخَيْرٍ أَيْ مُلَابِسًا لَهُ أَوْ اجْعَلْ خَلَفًا عَلَى كُلِّ غَائِبَةٍ لِي خَيْرًا فَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ وَأَمَّا مَا لَهِجَ بِهِ بَعْضُ الْعَامَّةِ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ فَهُوَ تَصْحِيفٌ فِي الْمَبْنَى وَتَحْرِيفٌ فِي الْمَعْنَى كَمَا لَا يَخْفَى. اهـ. فَرَاجِعْهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: يَلْزَمُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَمَلِ بِذَلِكَ الْخَبَرِ.
(قَوْلُهُ: شَرْطٌ فِيهِ) أَيْ فِي الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ.